الدمام: إيمان الخطاف
لم يعد غريباً مظهر المرأة السعودية وهي تقف أمام أحد المراصد الفلكية كي تسجل ملاحظتها عما تراه في الفضاء، فيبدو أن التركيز الإعلامي على الظواهر الفلكية كظاهرة كسوف الشمس الأخيرة، قد جذب مجموعة من السعوديات للتعرف على أساسيات علم الفلك، إذ بدأت بعض الجهات السعودية أخيراً بالالتفات للمرأة عبر تقديم دورات تمهيدية ومتقدمة لتمكينها من التعرف على علم الفلك، تجاوباً مع المطالبات النسوية بذلك.
ويؤكد أنور آل محمد، رئيس مجلس إدارة جمعية الفلك بالقطيف، التي تعقد ست دورات كل سنة ثلاثة منها تكون متاحة للنساء والرجال، أن اهتمام المرأة السعودية بالفلك وتعلمه آخذ في ازدياد، وأضاف قائلاً «كان عدد النساء في أول دورة نظمتها الجمعية للنساء والرجال أقل من نصف الرجال المسجلين، أما في آخر دورة أقيمت الشهر الماضي، فقد فاق عدد النساء اللواتي حضرن الدورة ضعف عدد الرجال المسجلين فيها».
ويصف آل محمد إقبال المرأة السعودية على دراسة علم الفلك بأنه «كثيف ومثار للدهشة والإعجاب في آن واحد»، وتابع قائلاً «أثبتت المرأة في كثير من الحقول أنها تجد طريقها للتعلم والمساهمة والإبداع. حتى أنهن كثيراً ما يشتكين من قصر مدة الدورة، ويرغبن في تكثيفها وزيادة الجانب العملي على النظري، ولقد وجدنا فيهن الاستعداد للتعرف على هذا العلم من كافة جوانبه، بل نجد أن بعضهن يطرحن أسئلة متخصصة من خارج منهج الدورة».
إلا أنه مع تزايد اهتمام النساء في السعودية بدراسة الفلك، يقول آل محمد «إن التصور العام هو رغبة المرأة في التعرف الحقيقي على علم الفلك بعيداً عن التنجيم والتخرصات والدجل». وأوضح أن الجانب العاطفي الذي تتميز به المرأة يجعلها أكثر عرضة للتأثر بأهل التخرص والظنون من المنجمين ونحوهم، حيث أفصح أن الكثير من استفسارات النساء التي ترد للجمعية ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالتنجيم، وهو ما شدد على أنهم يسعون للحد منه عبر نشر الوعي الفلكي الحقيقي.
وتتفق معه رباب القديحي، وهي من المحاضرات السعوديات القلائل المختصات بعلم الفلك، التي أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن الكثير من النساء يقبلن على دراسة الفلك رغبةً في التعرف على عالم الأبراج والتنجيم، وأشارت إلى أن بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة ساهمت في ترسيخ هذه الصورة السلبية عن الفلكيين بأنهم عبارة عن مُنجمين فقط.
في حين تُرجع القديحي أسباب اهتمامها بدراسة الفلك في الوقت الذي لا يلقى هذا المجال اهتماماً كبيراً فيه من قِبل المرأة السعودية، بالقول «الصفحة السماوية فيها ما هو جذاب وغير طبيعي من سماء ونجوم لامعة، وأنا هنا أحاول اختراق السماء والتعرف على ما بداخلها من إبداع صوّره الخالق بدقة في الكون وعبر هذه الأجرام السماوية».
وتؤكد القديحي التي شاركت في أكثر من مؤتمر خليجي، مثل مؤتمر الإمارات الفلكي، والمؤتمر الأول في تاريخ العلوم عند العرب والمسلمين، على تشجيعها للمرأة السعودية على الاهتمام بهذا العلم، مستدلة على ذلك بوجود الكثير من الآيات القرآنية التي تدعو إلى التأمل والبحث في عظمة الكون وأسراره، وهو ما تراه دافعاً لها وللكثيرات على الإبحار في عالم الفلك.
لكن يبقى السؤال: متى سيكون هناك عالمات فلكيات سعوديات؟، ويجيب رئيس جمعية الفلك عن ذلك بالقول «إذا كنا نقصد بالفلكية أنها المتخصصة الباحثة في علم الفلك، فأظن أنهن موجودات، لكن بسبب عدم احتضان وتشجيع تلك الكفاءات ربما لا تظهر أو تضمحل بشكل تلقائي». واستشهد ببعض النماذج لجامعيات سعوديات بدأن بإثبات أنفسهن أخيراً في هذا المجال عبر تقديم مجموعة مختلفة من الأبحاث والدراسات.
من الجدير ذكره أن ظاهرة كسوف الشمس التي حدثت ظهر يوم الجمعة الماضي، وقدرت نسبة الكسوف الجزئي شرق السعودية بحدود 12 في المائة، قد حظيت باهتمام كبير من مجموعة من الرجال والنساء الذين تجمهروا على أسطح منازلهم لمشاهدة الكسوف، في حين اكتظت المساجد السعودية بمجموعة من الرجال والنساء الذين اتجهوا إليها لأداء صلاة الكسوف، اقتداءً بالسنّة النبوية الشريفة.