من أعلام المنطقة في الفلك
( الشيخ جعفر أبو المكارم)
سلمان الرمضان
اهتم المسلمون بعلم الفلك اهتماما كبيرا من منطلق أهميته الدينية لهم، فالمسلم يريد معرفة اتجاه القبلة وولادة الهلال وبداية الشهر ، ومن هنا كان لعلماء المسلمين دورٌ كبيرٌ في تطور علم الفلك أو ما أسموه علم الهيئة.
مع الشيخ جعفر البحراني في ارصاد الأدلة في معرفة الوقت والقبلة.
نستعرض هنا كتابا رشيقا في عباراته غنيا بمادته لنرى ماكان يتمتع به علماؤنا من معرفة تطبيقية، فلم يكونوا أبداً محصورين بين نظرية الدليل الشرعي بعيدين عن تطبيقات الواقع0
الكتاب : إرصاد الأدلة في معرفة الوقت والقبلة
المؤلف : الشيخ جعفر بن الشيخ محمد ( أبو المكارم) البحراني
تعريف بالمؤلف: هو الشيخ جعفربن الشيخ محمد ( أبو المكارم) بن الشيخ علي البحراني ، ويمتد نسبه لأكثر من علم من أعلام الطائفة، فهو من أسرة علمية خرجت الفقهاء والفضلاء جيلاً بعد جيل ولاتزال0
كانت له منزلة عظيمة لسنا بصدد استعراض تفاصيلها، حيث ذكره الطهراني في ذريعته وطبقات اعلام الشيعة والزركلي في الاعلام وكحالة في موسوعته معجم المؤلفين والشمري في اعلام الخليج وغيرهم0
ولد في منتصف جمادى الأولى 1281هـ في العوامية (شمال مدينة القطيف)، وتوفي ليلة الثالث عشر من محرم 1342هـ ودفن في البحرين بجوار الفيلسوف الشيخ ميثم البحراني0
كان علما مرجعاً مقلداًُ أديباً فيلسوفاً إماماً مجاهداً حجة من الحجج وبطلاً من أبطال العلم
والعبقرية خطيبا فحلا، وقد أولى صلاة الجمعة إهتماماً كبيراً0 وبلغت مؤلفاته أكثر.
علم الفلك في الشريعة والتراث
من44 مصنفاً فقهاً وأصولاً وأدباً. هذا خلاف ما كتب في الإجازات والمراسلات وخطب الجمعة والأعياد0
له كتاب في علم النجوم لم يتسن لنا الإطلاع عليه أو الاستماع لمن اطلع عليه، واسمه الإشراقات النورية، ويبدو أن موضوعه في إبطال تمويهات الإشراقيين ومن وافقهم من علماء المسلمين0
وهذه خلاصة كتابه إرصاد الأدلة:
بدأ الشيخ حديثه كالمعتاد بالبسملة والحمد لله والثناء عليه والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى علي عليه السلام مبيناً فضلهما، وعلى آلهما، ثم ذكر سبب تأليف الكتاب أو كما اسماه رسالة0
الفصل الأول حول الوقت:
خصه بالوقت ، وذلك بعد ان ذكر أن معرفة الوقت من شرائط الصلاة ، واستشهد بالآية78 من سورة الإسراء (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً (الإسراء-78.
وبدأ باستعراض الآية بادئا بتعريف الدلوك الذي هو الزوال مستخدماً المصطلحات الفلكية ، فهو يستخدم تعبير دائرة نصف النهار والتي هي نقطتا المشرق والمغرب ، ثم يبدأ التحقيق بالشرح التفصيلي مستخدما التعريفات الفلكية والنجوم ، فهو يتحدث عن دائرة الأفق والقطب والجدي الذي هو النجم القطبي، كما يستعمل الميل الأعظم والدائرة ونصف الدائرة والبروج ومنازل القمر ومواعيد الإنقلابين والإعتدالين مبينا تأثير ذلك في تحديد الوقت من مكان لآخر وهو في ذلك غير مهمل للروايات ومنطوقها، وينحو نفس النحو في تحديد وقت المغرب مبينا معنى ذهاب الحمرة المشرقية من ناحية فلكية أيضا وبيان تحركها في السماء ونراه يحدد معنى غياب الشمس الحقيقي الذي هو ليس مجرد استتار القرص عن النظر ، وهو ما يحدده العلم تفصيلا اليوم ، وكذا الحال مع وقت الصبح0
الفصل الثاني حول القبلة:
بدأ الحديث عن الخلاف بين العلماء في انها عين الكعبة للقريب والبعيد أو انها العين للمشاهد في حكمه وجهتها للبعيد0لم ينس عند شرح الموضوع عمليا استخدام المصطلحات الفلكية كالسمت واعتبار الجدي والفرقدين والقطب الشمالي0
ونراه يتحدث عن عدم تغير النجم القطبي لأنه يقابل القطب الشمالي للأرض ونراه يتحدث عن حركة النجوم بالدوران – دوران الأرض حول نفسها – كل يوم وليلة ويعود للإستشهاد بحركة الإعتدالين والإنقلابين وتحديد مواعيدهم ، كما أنه يتحدث عن خطوط الطول ودوائر العرض مستخدما إياها لبيان قبلة بعض البلاد، ومستعينا بنجم سهيل متحدثا عن ميله للجنوب، وكذا بالثريا والدبران والعيوق وكلها من نجوم المجموعات النجمية.