في يوم التاسع والعشرين من شهر سبتمبر الجاري الموافق للخامس عشر من شهر شعبان1425 يقترب من الأرض أحد الكويكبات الخطيرة ويدعى توتاتيس Toutatis أو الكويكب رقم 4179 والذي اكتشف لأول مرة في عام 1989 بقطر يبلغ خمسة كيلومترات وهو أحد كويكبات الحزام الفاصل بين كوكبي المريخ والمشتري ويصنف كواحد من الكويكبات الخطرة ذات الطاقة التدميرية الكبيرة ، المقتربة من الأرض والتي يبلغ عددها حوالي 600 كويكب وتقترب من الأرض حتى مسافات تقل عن 8 ملايين كيلومتراً فقط ولا يقل قطر واحدها عن 200 متراً.
ففي ذلك اليوم الأربعاء ، يقترب هذا الكويكب العملاق من الأرض حتى مسافة 1.5 مليون كيلومتراً فقط ، وهي مسافة قريبة جداً إذا ما قورنت بالكويكبات الأخرى المقتربة منا ، وسيتمكن الفلكيون وهواة الفلك من رصده حتى قبل وصوله هذه النقطة القريبة بعدة أيام ، ثم يتابعون رصده بعد أخذه بالابتعاد عنا في مداره حول الشمس .
فالكويكب الصغير سيلمع عند أقرب نقطة له من الأرض بالقدر 8.9 ، وهو لمعان يقل عن أقل لمعان يمكن للعين المجردة أن تراه في ليلة صحراوية خالية من ضوء القمر بحوالي 16 مرة ، لكنه ليس بعيداً عم متناول المناظير الفلكية والتلسكوبات بل إنه سيكون هدفاً سهلاً نسبياً إذا عرف الراصد المساء وعرف أين يجده فيها .
ولسوء حظ سكان خطوط العرض المرتفعة شمال الكرة الأرضية كأوروبا وأمريكيا ، فإن الكويكب سيكون يوم التاسع والعشرين مختفياً عنهم إلى الجنوب ، ليحظى أهل الخطوط المنخفضة وسكان النصف الجنوبي للكرة الأرضية بفرصة رصده السهلة . حيث سيتحرك بعد منتصف شهر سبتمبر الجاري جنوباً إلى أن يلتقي بأقرب نجوم السماء إلينا المعروف باسم ألفا قنطورس في ذلك اليوم المنتظر. كما في الشكل أدناه:
وسيكون رصد الكويكب سهلاً في معظم مناطق المملكة خصوصاً المناطق الجنوبية منها كأبها ومكة وجدة ، وحتى في الرياض . فباستخدام التلسكوبات المتوفرة في معظم المرافق العلمية والجامعات في المملكة سيكون من السهل جداً رصد الكويكب يوم لقائه الأقرب بالأرض يوم التاسع والعشرين من سبتمبر الجاري وتصويره أيضاً لما لموقع هذه المدن من أهمية جغرافية على الخريطة الفلكية كصاحبة خطوط عرض أرضية منخفضة تسمح بمشاهدة معظم نجوم السماء الجنوبية التي تخفى على كل بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية .
ففي أبها ستنظم كلية المعلمين رصداً حياً لهذا الحدث في ساحاتها يشرف عليه الراصد الفلكي في الكلية الأستاذ هاني الضليع عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك من خلال التلسكوبات والمناظير المتوفرة ، خصوصاً وأن الكويكب سيكون أكثر ارتفاعاً في سماء مدينة أبها إن كان الطقس صحواً من الغيوم يومئذ .
وتوتاتيس ، هو الكويكب الذي يتم دورة واحدة حول الشمس كل أربع سنوات تقريباً ( 3.98 سنة ) ، وبهذا فهو يلاقينا كل أربع سنوات ، وبالتأكيد فإنه في كل مرة يشكل خطراً علينا ، فمداره لا يختلف عن مدار الأرض حول الشمس سوى بنصف درجة وهي زاوية ميلان تكاد تطابق زاوية ميلان الأرض مما يعني احتمالية التقائه بالأرض يوماً ما بشكل أخطر . وليس هذا فحسب ، فشكله غير المنتظم والذي يشبه الأثقال أو الكرتين الملتصقتين ببعضهما يجعله غير منتظم الدوران حول نفسه ، فمرة يدور في 5.4 يوماً وثانية يدور في 7.3 يوماً . إضافة إلى ذلك فهو أحد الكويكبات المعروفة باسم كويكبات أبوللو ، إذ يقترب في مداره حول الشمس لمسافة 138 مليون كيلومتراً وهي أقل من بعد الأرض عن الشمس البالغ 150 مليون كيلومتراً ، أي أن هناك احتمالية واردة بالتقائه بالأرض يوماً ما عند هذه المسافة أو حواليها . لكنه في المقابل يبتعد عن الشمس حتى مسافة 616.5 مليون كيلومتراً .
لكن الشيء الجيد والأكيد في الأمر أن مدار الكويكب يجعله يصل الأرض في كل دورة قبل موعدها السابق ببضعة أيام مما يعني أنه لا يلاقي الأرض عن قرب لأكثر من ست مرات متتاليات كل قرابة 200 سنة ، وقد بدأت هذه السلسلة السداسية في أول لقاء في شهر ديسمبر من عام 1992 حين كان بعده أكثر من هذه المرة بضعفين، تلا ذلك لقاء عام 1996 ثم عام 2000 ليقترب الكويكب كل مرة أكثر فأكثر وليصل يوم التاسع والعشرين القادم لأقرب نقطة من الأرض 1.5 مليون كيلومتراً .
أما لقاؤه القادم بالأرض في شهر نوفمبر 2008 القادم فلن يكون على مسافة أقل من خمسة أضعاف بعده الحالي أي على بعد أكثر من 7.5 مليون كيلومتراً . ولتنتهي سلسلة الاقترابات الخطيرة بعد ذلك بأربع سنوات أخرى عام 2012 فلا يعود هذا الكويكب يشكل أدنى خطر علي الأرض لمائتي سنة بعد ذلك .
ولكن السؤال الذي يمكن أن يطرحه القارئ هو : ما الذي يضمن عدم اصطدام هذا الكويكب بالأرض ، وهل هناك أي احتمال لانفلات الكويكب من مداره بسبب جاذبية الأرض ثم وقوعه عليها ؟؟
يجيب العلماء عموماً بأن احتمالية تغير مدار الكويكب نتيجة جاذبية أي كوكب آخر هي احتمالية واردة ، وهو ما ينطبق على كوكب عملاق كالمشتري ، أما كوكب الأرض فهو غير قادر من عند هذه المسافة الهائلة التي تزيد على بعد القمر بأكثر من ثلاث مرات أن يغير من مدار الكويكب ، وإن فعل ، فلن يكون ذلك بالمقدار الذي يؤثر سوى بشكل ضئيل جداً على الكويكب . وهذا يعني أن وقوع الكويكب على الأرض كما يحسبه العلم أمر غير وارد خصوصاً وأن سرعة الكويكب في مداره وجاذبية الشمس له تربطانه في فلك خاص به لا يلتقي به مع الأرض إلا أن يشاء الله .
ومما لا شك فيه بأن التقاء الأرض بكويكب كبير مثل توتاتيس ثم اصطدامه بها ( لا سمح الله ) هو أمر خطير جداً ، فالكارثة كما يصفها العلماء هي كارثة على المستوى الكوكبي وليست قارية أو محصورة بمجموعة بلاد فقط ، وهي تحدد مصير الكرة الأرضية بعد ذلك ، فالنيزك أو الكويكب الذي اصطدم بالأرض قبل حوالي 65 مليون سنة والذي يعتقد بأنه السبب في انقراض الديناصورات لم يكن حجمه يختلف كثيراً عن حجم صديقنا توتاتيس هذا ، لكنه لم يخلف انقراضاً للديناصورات فقط إنما أدى ارتطامه بالأرض إلى إفناء أكثر من 750 ألف نوع كائن حي آنذاك بحسب تقديرات العلماء الحالية ، وهذا يعني بأننا سنكون مما لاشك فيه في خطر عظيم إن حدثت مثل هذه الكارثة التي لن تخلف وراءها عاقلاً بشرياً على الأرض .
ولكن ، هل يمكن للعالم بأسره أن يقف في وجه هذا المارد أو أمثاله إن تصدت للهجوم على الأرض في لحظة ما قبل بضع سنوات قادمة ؟
أحد يدري لكن أوروبا بعد عام 2010 القادم ستجري أول تجاربها هذه بإطلاق مركبة فضاء ذات رؤؤس نووية لملاقات أحد المذنبات أو الكويكبات وتفجيره ثم دراسة ما ستؤول إليه نتائج التجربة ومعرفة ما إذا كانت دول العالم الفضائية قادرة على عمل شيء حيال هذا الخطر المحتمل في كل لحظة والذي تأسس من أجله أكثر من برنامج فضائي أمثال برنامج نيات NEAT ( متابعة الأجرام المقتربة من الأرض ) وبرنامج لينيار LINEAR ( برنامج لنكولن للبحث عن الأجرام المقتربة من الأرض ) واللذان يقومان بمسح أوتوماتيكي دوري للسماء للعثور مثل هذه الأجرام ثم دراسة مداراتها وخطرها واحتمالية التقائها بالأرض .
فهل ستكون نهاية الحياة على الأرض على يد جرم تائه ( أو غير تائه ربما !! ) قادم من الفضاء ؟؟ من يدري ؟!
ففي ذلك اليوم الأربعاء ، يقترب هذا الكويكب العملاق من الأرض حتى مسافة 1.5 مليون كيلومتراً فقط ، وهي مسافة قريبة جداً إذا ما قورنت بالكويكبات الأخرى المقتربة منا ، وسيتمكن الفلكيون وهواة الفلك من رصده حتى قبل وصوله هذه النقطة القريبة بعدة أيام ، ثم يتابعون رصده بعد أخذه بالابتعاد عنا في مداره حول الشمس .
فالكويكب الصغير سيلمع عند أقرب نقطة له من الأرض بالقدر 8.9 ، وهو لمعان يقل عن أقل لمعان يمكن للعين المجردة أن تراه في ليلة صحراوية خالية من ضوء القمر بحوالي 16 مرة ، لكنه ليس بعيداً عم متناول المناظير الفلكية والتلسكوبات بل إنه سيكون هدفاً سهلاً نسبياً إذا عرف الراصد المساء وعرف أين يجده فيها .
ولسوء حظ سكان خطوط العرض المرتفعة شمال الكرة الأرضية كأوروبا وأمريكيا ، فإن الكويكب سيكون يوم التاسع والعشرين مختفياً عنهم إلى الجنوب ، ليحظى أهل الخطوط المنخفضة وسكان النصف الجنوبي للكرة الأرضية بفرصة رصده السهلة . حيث سيتحرك بعد منتصف شهر سبتمبر الجاري جنوباً إلى أن يلتقي بأقرب نجوم السماء إلينا المعروف باسم ألفا قنطورس في ذلك اليوم المنتظر. كما في الشكل أدناه: