معرفة مواقيت الصلوات والقبلة في كيرلا
بقلم عبد الغفور ثوتانغال – هاوي فلكي و عضو جمعية الفلك بالقطيف
الهند - كيرلا
تعلُم الفلك ضرورة للمسلمين لأن مواقيت الصلوات وعدة الشهور تحسب حسب مواقع الشمس الظاهرية ومنازل القمر في السماء. وللصلوات الخمسة ينبغي معرفة القبلة من أي مكان علي سطح الأرض وبواسطة علم الفلك و علم الجغرافية يمكن معرفة القبلة. فصلوات الخمس ومواقيتها من الطلوع الفجر الصادق (صلاة الفجر) وزوال الشمس من منتصف النهار (صلاة الظهر) وحين يصير ظل كل شيء طوله (صلاة العصر) وغروب الشمس (صلاة المغرب) ومغيب الشفق الأحمر من الأفق (صلاة العشاء).
إن تاريخ مساجد كيرلا أقدم حتى من عهد رسول الله (ص) و تم تعمير ٢٨ مسجداً هنا في القرن الأول الهجري. وبعض هذه المساجد ما زالت باقية في عصرنا، والقدماء حسبوا جهة القبلة علي أساس علم الفلك لتعمير هذه المساجد برصد جهات بروج النجوم. وعن بعض القدماء: إن ثلاثة من النجوم في برج الجوزاء، وهي المنطقة والنظام والنطاق، تشير إلي جهة القبلة وهذا الحساب ليس صحيح دائماً. أما معرفة أوقات الصلوات برصد مواقع الشمس فهو أمر بسيط نوعاً ما إلا لوقتين وهما صلاة الظهر وصلاة العصر لأن مدار الشمس الظاهري يختلف يوما بعد يوم في السنة ولا تكون الشمس بسمت الرأس حين زوالها في مكان واحد في السماء وهذا سببه ظروف حركات الشمس الانقلابية السنوية.
لمعرفة زوال الشمس في منتصف النهار أسس القدماء المزاول بجوار المساجد واستعملوها لمعرفة مواقيت صلوات الظهر والعصر قبل اكتشاف الساعات الرقاصة والساعات الكهربائية. والمزاول التي استعملت في المساجد هي عبارة عن حجر مربع منصوب علي أرض مسطحة وإحدى زواياها تستقبل الشمال الحقيقي وفي وسطه ثقب. والجدير بالذكر أن للأرض قطبين، قطب الشمال المغناطيسي وقطب الشمال الحقيقي أو الأصلي، و إبرة الملاحين تشير إلي جهة الشمال المغناطيسي.
وفي هذه المزاول يدخل ضوء الشمس داخل الثقب دائما إلا في لحظة واحدة في النهار في لحظة زوال الشمس في منتصف النهار.
ومثال هذا النوع من المزاول، مزولة بجوار المسجد القديم بتازيتانغادي في مدينة كوتايام، جنوب كيرلا وموقع هذا المسجد علي شاطئ نهر ميناشيلار. وفي شاطئ شاليار بمقاطعة مالابورام توجد مزولة كبيرة بقرب المسجد القديم في قرية كوديياتور ولكنها نقلت من مكانها الأصلي وقت توسيع وتعمير المسجد. والمزولة بقرب مسجد دار العلوم بوازاكاد بمقاطعة مالابورام وهي في شكل عمود. و مزولة بجوار مسجد القديم في شاليام هي من نوع مختلف حيث تتكون من عمود من الحديد في الوسط وحوله دائرة مقسومة بالساعات. كل هذه المزاول استعملت لمعرفة أوقات صلاة العصر أيضا وهو حين تجاوز ظل الشاخص الخط المرسوم لمعرفة وقت العصر.
لقد نظم عمر بن علي - المعروف بعمر قاضي البلانكوتي الذي عاش في قرية فيلييانكود بقرب مدينة فناني في القرن التاسع عشرة الميلادي- قصيدة لمعرفة وقت صلاة العصر والقصيدة مكونة من الألفاظ العربية والمليالمية (اللغة المحلية في ولاية كيرلا) وهذه القصيدة استعملها القدماء لقياس الظل لمعرفة أوقات صلاة العصر قبل انتشار الساعات الحديثة وترجمتها كما يلي:
شهرين الحمل والأسد فيهما ثمانية أقدام
وتسعة في الثور والجوزاء والسرطان
تسعة ونصف في الحوت والسنبلة
وعشرة ونصف أقدام في الدلو والميزان
وفي العقرب والجدي أحد عشر وربع
واثني عشر إلا ربع في شهر القوس
هذا الحساب قد استوي من أيلي
حتى لشطوي قال قاضي بن علي
واللغة المحلية في كيرالا بالهند تسمي مليالم وأسماء البروج في دائرة البروج تستعمل لأسماء الشهور في تقويم المحلي. والقصيدة حسب فهمي تذكر أن وقت صلاة العصر في شهري الحمل والأسد حين يصير الظل ثمانية أقدام بقدم المقيس. وهذا الحساب يختلف من شهر لآخر وفي الأخير هي حين يكون طول الظل أحد عشر وثلاثة أرباع وهو في شهر القوس في مليالم الموافق شهر ديسمبر الميلادي.وفي البيتين الأخيرين يقول الشاعر أن هذا الحساب يكون صحيح للمناطق ما بين المحلتين شطوي في مقاطعة تريشور و أيلي في مقاطعة كانور.
استعمل القدماء علم الفلك لمعرفة القبلة قديماً. وهم يرصدون ثلاثة من النجوم، المنطقة والنظام والنطاق من برج الجوزاء (الجبار) ولكن هذا الحساب ليس صحيح .وبعد ذلك استعملت آلات مثل الربع المجيب والاسطرلاب لقياس زاوية القبلة. وهي أيضاً ليس صحيحة دائماً. أما في عصرنا الحديث فلدينا التقنية لمعرفة القبلة بالدقة وبسهولة وقد توفرت منذ سنة واحدة فقط عندما أنشأت البرامج الكمبيوترية الكثيرة لمعرفة القبلة. ولقد اكتشفت بأن الحساب الذي اتبع قديماً يصل الخطأ فيه مقدار درجتين في كيرلا و ينبغي التحقق عند تعمير وإنشاء المساجد الجديدة في كيرلا.